Kitabı oku: «مـــصــيــر الـتـنـــانـيــــن », sayfa 3
كان من الواضح أن صاحب الحانة لا يريد بقاء ايريك تحت سقفه, لكنه لم يتجرأ على قول شيء. لذلك التفت وخرج من الغرفة, وأغلق الباب وراءه.
"هل أنت متأكد أنك ترغب في البقاء هنا؟" سأله الدوق. "عد معنا إلى القلعة."
أومأ إيريك برأسه بالنفي.
"لم أكن متأكداً من أيّ شيء في حياتي مثل هذا اليوم."
الفصل الثامن
انخفض تور في الهواء, وغطس في الماء, برأسه أولاً في مياه بحر النار الهائجة. غاص فيها نحو الأسفل, وقد دهش حين شعر أن المياه ساخنة.
تحت السطح, فتح تور عيناه لفترة وجيزة وتمنى لو أنه لم يفعل ذلك. لقد لمح أنواع كثيرة من المخلوقات البحرية الغريبة والقبيحة, الصغيرة والكبيرة, بوجوه غريبة وغير مألوفة. لقد كان المحيط يعج بها. كان يصلي كي لا تهاجمه قبل أن يتمكن من الوصول إلى السفينة بسلامة.
اندفع تور إلى السطح ,وصل بلحظات, ونظر نحو الصبي الغريق. لمحه على الفور, وفي ذلك الوقت تماماً, كان يضرب بيديه, محاولاً النجاة, وفي بضعة ثواني ,كان قد غرق تماماً.
سبح تور نحوه, أمسك به من الخلف, وبدأ السباحة معه, وقد أبقى كلًّ من رأسيهما فوق الماء. سمع تور صوت أنين, وحين التفت, صدم لرؤية كروهن, لا بد أنه قفز في الماء بعده. سبح النمر بجانبه, يحاول البقاء بالقرب منه. شعر تور بشعور رهيب حين أدرك الخطر الذي يهدد كروهن, ولكن يداه كانتا تحملان الصبي وليس هناك ما يمكنه فعله.
حاول تور أن لا ينظر حوله, إلى المياه, الهائجة الحمراء, ومخلوقاتها الغريبة التي تخرج إلى السطح ثم تختفي حوله. اقترب منه مخلوق قبيح المظهر, أرجواني, مع أربعة أذرع ورأسين, هسهس في وجهه, ثم اختفى تحت الماء, مما جعل تور يجفل.
التفت تور ورأى السفينة, تبعد عنه حوال العشرين ياردة, سبح نحوها بشكل محموم, مستخدماً ذراعاً واحدةً وساقيه ويجر الصبي بالذراع الأخرى. استفاق الصبي وصرخ, وبدأ يقاوم, حتى خشي تور أن يغرقا سوياً.
"تمالك نفسك!" صرخ تور بقسوة, على أمل أن يسمعه.
أخيراً, هدأ الصبي قليلاً. شعر تور بالارتياح, حتى سمع صوتاً والتفت إلى الاتجاه الآخر, كان بجانبه تماماً, مخلوق آخر, صغير, ذو رأس أصفر وأربعة مخالب. كان له رأس مربع, وكان يسبح باتجاهه, يزمجر ويهتز. كان يبدو كأفعى تعيش في البحر, باستثناء أن رأسه كان مربعاً. استعد تور بينما كان يقترب منه, لقد ظن أنه سيعضه, ولكن فجأة, فتح فمه بشكل واسع وبصق مياه البحر في وجهه. رمش تور بعينيه, يحاول إخراج المياه منها.
كان المخلوق يسبح حوله, في دوائر, ضاعف تور جهده, وأصبح يسبح بشكل أسرع, في محاولة للابتعاد عنه.
كان تور يحرز تقدماً, ويقترب من السفينة, حين ظهر مخلوق آخر على جانبه الآخر. كان طويلاً, ضيقاً, وبرتقالي اللون, مع مخلبين في فمه وعشرات الأرجل الصغيرة. كان له ذيل طويل, يضرب به في كل اتجاه. كان يشبه سرطان البحر, وهو يقف في وضع مستقيم . طاف المخلوق حول تور, مثل حشرة بحر, واقترب منه, يلتفت ويضرب بذيله. لسع الذيل جلد تور وصرخ من الألم.
استمر المخلوق في السباحة ذهاباُ وإياباً, يضرب بذيله مرارا وتكرارا. وتمنى تور لو أنه يستطيع اخراج سيفه ومهاجمته, لكن كان لديه يدٌ واحدة وكان مضطر للسباحة بها.
كان كروهن يسبح بجانبه, يزمجر نحو المخلوق, ويسبح دون خوف, لقد أخاف الوحش, مما جعله يختفي تحت المياه. تنهد تور وشعر بالارتياح حتى عاد المخلوق إلى الظهور فجأة على جانبه الآخر, وهاجمه مرة أخرى. التفت كروهن وطارده, محاولاً القبض عليه, يحاول أن يطبق فكيه عليه, ويفشل في كل مرة.
سبح تور للنجاة, مدركاً أن السبيل الوحيد للخروج من هذا هو الخروج من البحر. بعد بعض الوقت الذي شعر أنه لن ينتهي, وهو يسبح بصعوبة أكثر من قبل, اقترب من السفينة, التي تهتز بعنف في الأمواج. وبينما كان يفعل, اثنان من أعضاء الفيلق, كانا ينتظران هناك لمساعدته, لقد كانا أكبر سناً, و لم يسبق لهما أن تحدثا إلى تور وزملائه. انحنيا إلى الأمام ومدا يداهما لمساعدته.
ساعد تور الصبي أولاً, محاولاً إيصاله نحو السفينة. أمسك الصبيان به من ذراعيه وسحباه نحوهما.
حمل تور كروهن, ممسكاً به من معدته وألقى به خارج الماء, نحو السفينة. صرخ كروهن وهو يخدش السطح بكفوفه الأربعة, وانزلق على السطح الخشبي وهو يهتز ويبتعد الماء عن جسده. انزلق عبر السطح الرطب, في كل أنحاء السفينة. ثم وثب على الفور, وعاد مسرعا إلى الحافة, يبحث عن تور. كان واقفاً هناك, ينظر إلى الماء, ويأن.
اقترب تور وأمسك يد أحد الصبية, وحين كان يدفع نفسه نحو السفينة, أحس فجأة بشيء قوي يلتف حول كاحله وفخذه. التفت و نظر, ارتعد قلبه, رأى مخلوق أخضر ليموني, يشبه الحبار, يلتف حول ساقه.
صرخ تور من شدة الألم بينما كان يشعر وكأن إبراً تخترق جسده.
أدرك تور أنه إذا لم يفعل شيئاً بسرعة, ستكون نهايته. مد يده الحرة إلى حزامه, أخرج خنجر قصير, انحنى وضرب به. لكن المخلوق كان سميكاً جداً, ولا يمكن للخنجر جرحه حتى.
لقد أغضبه ذلك. أخرج المخلوق رأسه, بلونه الأخضر, بدون عينين, و فكين على رقبته الطويلة, واحدا فوق الآخر, وفتح فكيه بأسنانه الحادة , متجهاً نحو تور. لم يعد يشعر تور بساقه, وكان يعلم أنه يجب عليه التصرف بسرعة. على الرغم من جهود الصبي بالتشبث, انزلقت قبضة تور, وغرق مرة أخرى في المياه. كان كروهن يصرخ, وشعر جسده قد انتصب, يقترب من الحافة كما لو أنه يستعد للغطس في المياه. ولكن حتى كروهن عرف أنه لا فائدة من مهاجمة هذا الشيء.
تقدم أحد الصبية وصرخ.
"مخلوق!"
أخفض تور رأسه, وألقى الصبي الرمح. اندفع الرمح في الهواء, لكنه أخطأ الهدف, ووقع في المياه. لقد كان المخلوق رفيعاً جداً وسريعاً للغاية.
فجأة, قفز كروهن من السفينة إلى المياه مرة أخرى, غطس في المياه وقد فتح فكيه وغرس أسنانه الحادة في رقبة المخلوق. عضّه كروهن بقوة وبدأ يميل برأسه يساراً ويميناً, دون أن يسمح له بالهروب.
لكنها كانت معركة خاسرة, كان جلد المخلوق قاس جداً. رمى المخلوق كروهن في الهواء. وفي الوقت نفسه شد قبضته على ساق تور, كان ذلك مثل عقابٍ له, وشعر تور بأنه لم يعد قادراً على التنفس. لقد غرست مخالبه بشكل سيء للغاية, وشعر تور وكأن ساقه تتمزق.
في محاولة نهائية بائسة, ترك تور يد الصبي, وترجح قليلاً حتى وصل للسيف القصير في حزامه.
لكنه لم يتمكن من الحصول عليه في الوقت المناسب, لقد انزلق وغرق في المياه.
لقد شعر تور بأنه يُجر بعيداً عن السفينة, لقد كان المخلوق يسحبه في البحر. كان يُجر خلفه أسرع وأسرع, وهو يشاهد السفينة تختفي أمامه. وآخر شيء استطاع رؤيته, أنه كان يُسحب إلى الأسفل, تحت سطح المياه, في أعماق بحر النار.
الفصل التاسع
ركضت جويندولين في المروج الخضراء, ووالدها, الملك ماكجيل, بجانبها. كانت صغيرةَ, ربما في العاشرة, وكان والدها أصغر من ذلك بكثير. كانت لحيته قصيرة, ولا يظهر عليها أي علامات شيب, كان جلده خالٍ من التجاعيد, كان شاباً ومشرقاً. كان سعيداً, وخالٍ من الهم, يضحك وهو يمسك يدها ويركض معها عبر الحقول. كان هذا والدها الذي تتذكره, والدها الذي تعرفه.
حملها وألقى بها على كتفه, وهو يضحك بصوت أعلى وأعلى, وكانت تضحك بشكل هيستيري أيضاً. كان تشعر بالأمان في ذراعيه, وتمنت لو أن هذه اللحظات لا تنتهي.
ولكن حين أنزلها والدها, حدث شيء غريب. فجأة, أصبح اليوم ليلاً بعد أن كان مشمسا. عندما وضعت جوين قدمها على الأرض, لم يعد هناك زهورٌ في المرج, بل علقت في الوحل, حتى كاحليها. كان والدها مستلقياً في الوحل, على ظهره, على بعد أمتار منها, يبدو أكبر سناً, متقدماً في السن كثيراً, وعالقاً. على مسافة أبعد من ذلك, في الوحل, كان تاجه, يغرق.
"جويندولين," صاح وهو يلهث. "ابنتي, ساعديني."
رفع يده بعيداً عن الوحل, ليصل إليها, بمحاولة يائسة.
لقد سيطر عليها شعور ملحٌّ لمساعدته, وحاولت أن تذهب إليه, للإمساك بيده. ولكنها لم تستطع زحزحة قدميها. نظرت إلى أسفل ورأت الطين متصلباً حولها, جافاً ومتكسراً. تلوت وتلوت, في محاولة لتحرير نفسها.
ثم فجأة رمشت لتجد نفسها تقف على شرفات القلعة, تنظر إلى بلاط المملكة. كان هناك شيء ما خاطئ, لأنها حين نظرت إلى أسفل, لم ترى الاحتفالات المعتادة, بل بدلاً من ذلك كنت هناك مقبرة مترامية الأطراف. لقد استُبدلت روعة وإشراقة بلاط الملك بقبور جديدة تمتد على مرأى العين.
سمعت خطى قدمين, وكاد قلبها أن يتوقف حين التفت ورأت قاتلاً, يرتدي عباءة سوداء وغطاء, يقترب منها. اندفع نحوها, وسحب الغطاء عن رأسه, وكشف عن وجه بشع, كان قد فقد عين واحدة, ولديه ندبة عميقة على وجهه. رفع يداً واحدة, كان يمسك خنجراً لامعاً, مقبضه بلون أحمر متوهج.
كان يتحرك بسرعةٍ كبيرة, ولم تستطع أن تقوم بالاستجابة في الوقت المناسب. استعدت جويندولين, وهي تعلم أنها على وشك أن تقتل حين دفع بالخنجر بقوة كاملة.
توقف القاتل فجأة, على بعد بوصة من وجهها فقط, فتحت جويندولين عينيها ورأت والدها, واقفاً هناك, جثة هامدة, يمسك بمعصم الرجل في الهواء. ضغط على يد الرجل حتى أسقط الخنجر, ثم رفع الرجل على كتفيه وألقى به من الشرفة. سمعت جوين صرخاته وهو يهوي نحو الأسفل.
التفت والدها وحدق في وجهها. أمسك كتفيها بحزم بيديه المتحللتين وكان على وجهه تعابير قاسية.
"هذا المكان ليس آمن لكِ," قال محذراً. "ليس آمناً!" صرخ, وهو يغرس يداه في كتفيها بقسوة, مما جعلها تصرخ.
استيقظت جوين و هي تصرخ. جلست على السرير, تنظر في كل مكان من غرفتها, متوقعة قدوم القاتل.
كانت تتعرق وتتنفس بصعوبة, قفزت من السرير, وارتدت ثوب الدانتيل الليلي, وعبرت غرفتها. سارعت نحو حوض ماء حجري, ورشت الماء على وجهها, مراراً وتكراراً. اتكأت على الجدار, وشعرت بالبرد في قدميها العارتين في هذا الصباح الصيفي الحار, كانت تحاول أن تتمالك نفسها.
لقد شعرت بأن الحلم حقيقي للغاية. وأحست بأنه تحذير حقيقي من والدها, كان رسالة. وسيطرت عليها حاجة ملحةٌ في ترك بلاط الملك, حالاً, وبدون عودة.
كانت تعرف أن ليس هناك ما تفعله. كان عليها أن تتمالك نفسها, لتكسب معركتها. لكن في كل مرة كانت ترمش بها, كانت تشاهد وجه والدها, يحذرها. كان عليها أن تفعل شيئاً لإبعاد هذا الحلم.
نظرت جوين إلى الخارج ورأت بداية ارتفاع الشمس الأولى, وفكرت في المكان الوحيد الذي سيساعدها على استعادة رباطة جأشها, نهر الملك. نعم, كان عليها أن تذهب إلى هناك.
*
غمرت جويندولين نفسها في ينابيع الملك الباردة المتجمدة مراراً وتكراراً, كانت تحبس نفسها وتنزل رأسها تحت الماء. كانت جالسة في بركة سباحةٍ طبيعيةٍ صغيرةٍ, منحوتة من الصخر, كانت مخبأة في الينابيع العليا, كانت قد وجدتها منذ كانت طفلة واعتادت التردد عليها. أبقت رأسها تحت الماء, وهي تشعر بالتيارات الباردة عبر شعرها, على فروة رأسها, لقد أحست بأنها تغسل جسدها العاري وتطهره.
لقد وجدت هذا المكان المنعزل في أحد الأيام, مخبئاً وسط مجموعة من الأشجار, في أعلى الجبل, هضبة صغيرة حيث تباطأت سرعة النهر وخلقت بركة عميقة. كان النهر يتدفق فوقها وتحتها, كان يستمر في الجريان حتى هذا المكان, على هذه الهضبة, كانت المياه تجري بتيارات خفيفة جداً. كانت البركة عميقة, والصخور ملساء, لقد كان مكاناً مخفيّاً تماماً, حيث بإمكانها الاستحمام عارية. كانت تأتي إلى هذا المكان كل صباح في الصيف تقريباً, بينما ترتفع الشمس, لتصفي ذهنها. خصوصا في أيام مثل هذا اليوم, حين تطاردها الأحلام, كما تفعل في معظم الأوقات, كان هذا مكانها الوحيد التي تستطيع اللجوء إليه.
كان من الصعب جداً على جوين أن تعرف إذا كان مجرد حلم, أو أنه شيءٌ أكثر من ذلك. كيف كان عليها أن تعرف متى يكون الحلم رسالة, أو نذير؟ كيف تعرف ما إذا كان عقلها يتحايل عليها أم أنها أُعطيت فرصة للتصرف؟
نهضت جويندولين لاستنشاق الهواء, كانت تتنفس في هذا الصباح الصيفي الدافئ, وهي تستمتع إلى زقزقة العصافير حولها. استلقت مرةً أخرى على الصخور, وجسدها مغمور حتى رقبتها, كانت جالسة على حافة حجرية داخل المياه, تفكر. رشت وجهها بقطرات من المياه, ثم مررت يديها على طول شعرها الطويل الأحمر, نظرت إلى الأسفل نحو سطح المياه الكريستالي, وقد انعكست عليه صورة السماء, والشمس الثانية, التي كانت قد بدأت بالارتفاع, والأشجار التي كانت مائلةً على المياه, ووجهها. عيونها الزرقاء المتوهجة, التي تنظر إلى انعكاس وجهها المتموج. كانت ترى في وجهها شيئاً من والدها. التفت بعيداً, وفكرت مرة أخرى بالحلم الذي راودها.
كانت تعلم أنّ بقاءها في بلاط الملك أصبح خطِراً عليها بعد اغتيال والدها, بوجود كل الجواسيس, كل المؤامرات, و خاصة بعد تولي غاريث الحكم. لم يكن هناك أحد يمكنه التنبؤ بتصرفات غاريث. مع كل الحقد الذي يحمله. و جنون العظمة, وغيرته الشديدة. لقد كان يرى أنّ الجميع يشكل تهديداً له, خاصةً هي. يمكن لأي شيءٍ أن يحدث. كانت تعرف أنها ليست بأمان هنا, لم يكن هناك أحد بأمان هنا.
لكنها لم تكن من النوع الذي يهرب هكذا. إنها بحاجة لمعرفة قاتل والدها, وإذا كان غاريث, لا يمكنها أن تهرب حتى تحقق العدالة. كانت تعرف أن روح والدها لن تهدأ حتى يتمّ القبض على قاتلها. كانت العدالة أساس حكمه حين كان حياً, و كان يستحق من بين جميع الناس أن يحصل عليها في موته.
عادت جوين للتفكير في لقائها مع ستيفن. كانت متأكدةً من أن ستيفن يخبئ شيئاً ما. وتساءلت عن ما يمكن أن يكون. كان هناك جزء منها يشعر أنه سيتكلم عن ذلك. ولكن ماذا لو لم يفعل ؟ شعرت بحاجةٍ ملحةٍ لإيجاد قاتل والدها, ولكن لم تعرف مكاناً آخر لتبحث فيه.
نهضت غويندولين أخيراً من مقعدها تحت الماء, وسارت نحو ضفة المياه عارية, ترتجف بينما تداعب نسمات الصباح جسدها, اختبأت خلف شجرة كبيرة, ومدت يدها لتأخذ منشفتها من غصن الشجرة, كما تفعل دائما.
ولكنها صدمت حين اكتشفت أنها لم تكن هناك. وقفت هناك عارية, بجسدها الرطب, دون أن تستطيع فهم ذلك. كانت متأكدة أنها علقتها هنا, كما كانت تفعل كل مرة.
بينما وقفت هناك حائرة, ترتعش, تحاول فهم ما حدث, فجأة, شعرت بحركة خلفها. لقد حدث ذلك بسرعة, لقد لمحت شيئا, وبعد لحظة, توقف قلبها حين أدركت وجود رجل يقف وراءها.
خلال ثوانٍ قليلةٍ, كان هناك رجل وراءها, يرتدي عباءةً سوداء وغطاءً على رأسه, كما رأته في حلمها. أمسك بها من الخلف, مد يده النحيلة, وأحكم يده على فمها, ليكتم صراخها. مده يده الأخرى وأمسكها من وسطها, وسحبها نحوه ثم دفعها بعيداً على الأرض.
كانت تركل بقدميها في الهواء, في محاولة لإبعاده والصراخ, حتى أجلسها, و قبضته ماتزال على فمها. حاولت أن تتحرر من قبضته, لكنه كان قوياً جداً. مد يده نحو خصره, ورأت جوين خنجراً بمقبضٍ أحمر متوهج, نفس الخنجر الذي كان في حلمها. لقد أيقنت أخيرا أنه كان تحذيراً.
شعرت بالنصل يضغط على حلقها, وقد وضعه قريبا جداً بحيث أنها إذا تحركت في أي اتجاه, سيقطع حلقها. انهمرت الدموع على خديها, وهي تصارع من أجل أن تتنفس. لقد كادت أن تجنّ من تصرفها, كم كانت غبية. كان عليها أن تكون أكثر حذراً.
"هل عرفتي من أنا؟" سألها الرجل.
انحنى إلى الأمام, وشعرت بأنفاسه الساخنة الرهيبة على خدها, رأت وجهه. توقف قلبها, كان نفس الوجه من الحلم, الرجل بالعين الواحدة والندبة.
"نعم," أجابت, بصوت مرتجف.
لقد كان وجهاً تعرفه جيداً. لا تعرف اسمه, ولكن تعرف أنه منفذ المهمات. رجلٌ من الطبقة الدنيا, واحد من العديد من الرجال الذي كانوا ينفذون أوامر غاريث منذ كان طفلاً. كان رسول غاريث, يرسله لأي شخص يريد تخويفه أو تعذيبه أو حتى قتله.
"أنت كلب أخي," قالت في وجهه, بتحدي.
ابتسم, وكشف عن أسنانه المفقودة.
"أنا رسوله," قال. "ورسالتي وصلتك مع سلاح خاص لمساعدتك على تذكر ذلك. رسالته إليكِ اليوم هي التوقف عن طرح الأسئلة. رسالة لن تنسيها أبداً. لأنه حين أنتهي منك, سأترك على وجهك الجميل ندبة ستجعلك تتذكرينها طوال حياتك."
"لا!" صرخت جوين.
كانت تستعد لندبة ستغير حياتها كلها.
ولكن حين اقترب النصل من وجهها, حدث شيء. فجأة, انقض طائرٌ من السماء, يصرخ, ويتجه مباشرة نحو الرجل. اختلست نظرة نحو الأعلى وتعرفت عليه في آخر ثانية, إيستوفيليس.
انقض إلى الأسفل, وخدش وجه الرجل بمخالبه بينما أُسقط من يده الخنجر.
كان النصل على وشك أن يجرح خدها, عندما تغير اتجاهه فجأة. صرخ الرجل, أوقع الخنجر من يده, وأبعد يده عنها. رأت جوين ضوءاً أبيض يلمع في السماء, والشمس مشرقة وراء أغصان الشجر, وبينما طار إيستوفيليس بعيداً مرةً أخرى, عرفت أن والدها قد أرسل الصقر.
لم تكن تريد إضاعة الوقت, نظرت حولها, انحنت إلى الخلف واتكأت على يديها, وكأنها تدربت لفعل ذلك, ثم ركلت الرجل في صدره بقوة, بأقدامها العارية. تقلبت جوين, وهي تشعر بقوة ساقيها حين ركلته بقوة. لقد تعلمت ذلك منذ كانت صغيرة, فهي ليست بحاجة لأن تكون قوية لصد مهاجمها. كانت تحتاج فقط لاستخدام أقوى عضلاتها, فخذيها. وأن تحدد الهدف بدقة.
بينما كان الرجل واقفاً هناك, ينحني ويضغط بيده على صدره من الألم, تقدمت جوين نحوه وأمسكت بشعره من الخلف, رفعت ركبتها مرة أخرى, حددت المكان بدقة, ودفعت بأقوى ما لديها نحو أنفه.
سمعت صوت تحطمٍ أسعدها, وشعرت بدمه الحار يتدفق, وينزل على ساقها, يلطخها, حين تراجعت إلى الخلف, عرفت أنها كسرت أنفه. كانت تعلمه أنه يمكنها قتله, وأخذ ذلك الخنجر وغرسه في قلبه.
ولكنها وقفت هناك, عارية, تدفعها غريزتها لارتداء ملابسها والابتعاد عن هنا. لم تكن تريد أن تلطخ يديها بدمائه, مع أنه يستحق ذلك.
لذلك بدلاً من قتله, أخذت الخنجر ورمته في النهر, لفّت ملابسها حول جسدها. كانت مستعدة للفرار, ولكن قبل ذلك, التفت, وذهبت نحوه, وركلته بأقصى ما يمكنها في فخذه.
صرخ من شدة الألم, والتف على نفسه, مثل حيوان جريح.
كانت ترتعش من الداخل, حين شعرت بأنها كانت قريبةً من قتلها أو تشويهها على الأقل. شعرت بجرح على خدها, وأدركت أنها ربما تحمل ندبة, سطحيةً على الأغلب. شعرت بالصدمة. ولكنها لم تظهر له ذلك. لأنها في الوقت نفسه, شعرت أيضاً بقوة جديدة تندفع من داخلها, قوة والدها, سبعة أجيال من ملوك ماكجيل. وللمرة الأولى أدركت أنها قوية أيضاً, قوية مثل أشقاءها. كأيّ واحد منهم.
قبل أن تبتعد, انحنت إلى الأسفل, اقتربت منه كثيراً حتى تستطيع سماع تأوهاته.
"اقترب مني مرة أخرى," زمجرت جوين في أذن الرجل. "حينها سأقتلك بنفسي."
الفصل العاشر
شعر تور بنفسه يُسحب أعمق تحت الماء وعرف أنه في غضون لحظات سيصل إلى الأعماق ويغرق, إذا لم يُؤكل وهو على قيد الحياة. كان يصلي بكل ما لديه لينجو من هذا.
أرجوك, لا تدعني أموت الآن. ليس هنا, ليس في هذا المكان, ليس بسبب هذا المخلوق.
حاول تور أن يستدعي قواه, مهما كانت. حاول بكل ما لديه من قوة, أراد للطاقة الخاصة أن تتدفق عبر جسده, لمساعدته على هزيمة هذا المخلوق. أغلق عينيه وهو عازم على أن ينجح.
لكن شيئاً لم يأتِ. لم يحدث أيّ شيء. كان مجرد صبيٍّ عاديٍّ, عاجز, تماماً مثل أي شخص آخر. أين هي قواه في أكثر وقت احتاج به إليها؟ هل كانت قواه حقيقية؟ أو أن كل تلك الحوادث كانت صدفة؟
بينما كان يفقد تور وعيه, تتابعت سلسلة من الصور في عقله. رأى الملك ماكجيل, كما لو كان أمامه حقاً, يشاهده. رأى أرجون, ثم رأى جويندولين. كان ذلك الوجه الأخير هو الذي أعطاه سبباً للحياة.
فجأة, سمع تور صوتاً خلفه, ثم سمع صرخة المخلوق. التفت, وقبل أن يفقد الوعي, رأى ريس في الماء بجانبه. ممسكاً بسيفه, ويحمل رأس المخلوق المقطوع في يده. استمر رأس المخلوق, المنفصل عن جسده, بالصراخ, والدم الأصفر يتدفق منه.
شعر تور بالقبضة تنفك ببطء عن ساقه, حين اقترب ريس وحررها منه. شعر تور بساقة كما لو كانت مشتعلة, لقد أمل وصلى أنها لم تصب بضررٍ دائم.
شعر تور بذراع ريس تلتف حول كتفه, وشعر بنفسه يجر في طريق العودة إلى السفينة. رمش تور, بين الوعي وفقدان الوعي, وهو يرى بشكل خافت أمواج البحر الضخمة, ويشعر بنفسه يصعد ويهبط خلالها.
لقد نجحوا في ذلك, شعر تور بنفسه يُرفع نحو القارب, والفتية الآخرون يجذبونه نحوهم وكروهن على السفينة. وصل ريس إلى القارب أيضاً, وأخيراً, كان الجميع آمناً.
استلقى تور هناك, على أرضية السفينة, يتنفس بصعوبة, والسفينة ترتفع وتنزل في البحر, والأمواج تصطدم بها من كل جانب.
"هل أنت بخير؟" سأل ريس, جالساً بجانبه.
نظر تور إلى الأعلى ورأى كروهن يميل نحوه, ثم بدأ بلعق وجهه. مد تور يده وداعب فوره الرطب. أمسك تور يد ريس وسحب نفسه ليجلس.
نظر نحو ساقه, ورأى العلامات التي تركها المخلوق عليها, وقد تحولت ساق واحدة من سرواله إلى مجرد قصاصات من القماش. كان يمكنه رؤية العلامات الدائرية حيث كان يمتص دمه, فركهم بلطف, وهو يشعر بالندبات الطفيفة. لكن الآن بعد أن لمسهم, كان ألم الحرق قد اختفى. حاول ثني ركبته واستطاع ذلك. لحسن الحظ, أنها لم تكن بوضعٍ سيءٍ كما كانت يمكن أن تكون, ويبدو أنها كانت تشفى بسرعة.
"أنا مدين لك بهذا," قال تور, مبتسماً.
ابتسم ريس أيضاً.
"أعتقد أننا متعادلين."
نظر تور حوله ورأى العديد من الفتية الأكبر سناً يجدفون, في محاولة للسيطرة على السفينة وهي تهتز بعنف في الأمواج.
"ساعدوني!" صرخ أحدهم.
التفت تور و رأى العديد من الأولاد يقفزون من الحافة أو يدفعهم كولك وقادة آخرين خارج السفينة. لمح بينهم أوكونور, إيلدين, والتوأم. سقطوا جميعهم في المياه, يضربون بأيديهم وهم يتمايلون بين الأمواج. كان بعضهم يسبح أفضل من الآخر. وقد ظهرت حولهم مخلوقات من جميع الألوان والأشكال والأحجام.
"ساعدوني!" صرخ الصبي مرة أخرى, حين اقترب منه مخلوق عريض حرشفي, وضرب بزعانفه على وجهه.
ركض ريس نحوه, أمسك القوس والسهم, ورمى سهماً قوياً نحو الأسفل في المياه, مستهدفاً المخلوق. ولكنه أخطأه.
لكن ريس أعطى تور فكرة, وقف تور و نظر إلى الأسفل, وغمرته السعادة حين رأى المقلاع ما يزال عالقاً في حزامه. أمسك به, وضع الحجر الأملس الذي كان في حقيبته, حدد الهدف, وقذفه.
طار الحجر في الهواء وضرب المخلوق في رأسه تماماً, وأبعده عن الفتى, وجعله يسبح بعيداً.
سمع تور صيحة أخرى, التفت ورأى أوكونور مع مخلوق مختلفٍ جاثمٍ على ظهره. بدا هذا الوحش وكأنه ضفدع, ولكنه كان أسود الجلد, مع بقع بيضاء, وحجمٍ أكبر بعشرة أضعاف. كان لسانه الطويل يبرز من فمه وينزلق إلى الأسفل نحو رقبة أوكونور. زمجر المخلوق بضوضاء غريبة, وفتح فكيه واسعاً. نظر أوكونور إلى الوراء نحو كتفه برعب.
كان الفتية يطلقون السهام حول أوكونور, ولكن أحدهم لم يصيب المخلوق. وضع تور حجراً, انحنى إلى الخلف, حدد الهدف, وقذفه في الهواء.
كانت ضربةً رائعة, جعلت المخلوق يأنِّ أنيناً غريباً, ومن ثم التفت و نظر بغضب نحو تور. زمجر بصوت عالي وبعد ذلك, الأمر الذي صدم تور, التفت وقفز نحوه مباشرةً.
لم يستطع تور التصديق المدى الذي كان يمكن لهذا المخلوق أن يقفزه, لقد طار في الهواء, وساقيه متباعدتان, مستهدفاً وجهه.
وضع تور حجراً آخر على الفور و قذف مرة أخرى.
لقد أصاب المخلوق قبل ثانية من وصوله إلى السفينة. لقد ضربه الحجر في منتصف الهواء, ثمّ هوى إلى الأسفل, و غرق في المياه.
"انتبه!" صرخ أحدهم.
انتبه تور في الوقت المناسب, ورأى موجة ضخمة ظهرت من العدم وانهارت على السفينة. رفع تور يديه وصرخ ولكن بعد فوات الأوان. لقد أغرقت الجميع.
في لحظة واحدة, أصبح تور تحت الماء. لقد غمرت الموجة سفينتهم, وهزتها بعنف, ثم اختفت بنفس السرعة.
خرجوا لاستنشاق الهواء, والسفينة لا تزال سليمة, يتمايلون وهم عائدين إلى السطح. كان تور يلهث ويبصق الماء المالح مثل الآخرين من حوله. لحسن الحظ أن قاربهم كان كبيراً, وكانت معظم تلك الموجة رغوة. نظر تور ورأى كروهن, يتشبث بالحافة, هرع نحوه وأمسك به, قبل أن يقع. عادت السفينة للتوازن, ورأى تور أنهم يتجهون نحو الجزيرة. كانوا على مقربة من الشاطئ, بالكاد عشرين قدماً بعيداً عنه, وهذا ما أعطاه شعوراً بالارتياح. ولكن في الوقت نفسه, أدرك أن الشاطئ مليء بالصخور القاسية, لم يكن هناك مكان آمن لإرساء السفينة. كانت الأمواج الضخمة تصطدم وتنهار على الصخور. فجأة جاءت موجة أخر, ورفعت سفينتهم عالياً, صرخ جميع الفتية في آن واحد وهم كانوا يتجهون للاصطدام بالصخور مباشرة.
لم يكن هناك وقت للتصرف. وبعد لحظة, تحطم قاربهم بأكمله على الصخور, كان تأثير ذلك قوياً جداً, بينما تحولت السفينة إلى قطع. وسقط الفتية جميعهم في الماء.
طار تور وسقط في الماء مرة أخرى, وأمواج البحر الأحمر تحيط به, حاول أن يبقى فوق سطح الماء, وهو يتخبط بينها. هذه المرة كان كروهن على مقربة منه, تمكّن تور من الوصول إليه وحمله. جاءت موجة أخرى ورفعتهم عالياً, ثم سقطوا مرة أخرى في المياه.
كاد تور أن يسقط على صخرة حادة ولكنه تفادها. انتبه تور إلى موجة أخرى قادمة إليه وعرف أنه عليه التصرف بسرعة.
لمح تور صخرة مسطحة أكثر من الصخور الأخرى وسبح نحوها. وصل إليها حين انحسرت عنها الموجة تماماً وحاول أن يصعد عليها. ولكنها كانت مغطاة بالطحالب اللزجة, مما جعله يستمر في الانزلاق. موجة أخرى جاءت ودفعته بقوة سحقت معدته, ولكنها رفعته أيضاً عالياً بما يكفي للوصول إلى الصخرة.
أخيراً, وصل تور إلى أعلى الصخرة, التفت وبدأ يبحث بعينيه عن ريس. أخيراً رآه, يتخبط بين الأمواج, هرع تور إلى حافة الصخرة ومد يده لانتزاعه. لكنه كان بعيداً.
"القوس!" صرخ تور.
فهم ريس, سحب قوسه ومد نهايته إلى تور. أمسك تور به وشد ريس نحوه. من حسن الحظ أنهم خرجوا منها بسلام, قبل قدوم موجة أخرى كانت ستغطيهم.
"شكراً," قال ريس, وهو يبتسم. "أنا الآن مدين لك بواحدة."
ابتسم تور أيضاً.
التفت كلاهما , رفع تور كروهن ووضعه في قميصه بينما قفزوا إلى أعلى صخرة أخرى, ثم إلى أخرى. استمروا على هذا المنوال, من صخرة إلى أخرى, مقتربين من الشاطئ, حتى انزلق تور عن واحدة ووقع في البحر. ولكنه كان الآن قريباً من الشاطئ, وحين جاءت موجة أخرى, دفعته حتى أصبح أقرب حتى, ووجد نفسه قادرا على الوقوف, كان مستوى المياه يصل إلى خصره, تقدم بصعوبة نحو الشاطئ, كان شريطاً ضيقاً من الرمال السوداء. انهار تور على الرمال, وريس بجانبه, قفز كروهن من قميصه واستلقى أيضاً. كان تور قد استنفذ جسديا وعقلياً. ولكنه فعلها ونجا بنفسه. جلس والتفت لرؤية زملائه في الماء, وجميعهم يتقدم نحو الشاطئ, والأمواج تتحطم على ظهورهم. والبعض الآخر يتبع خطاه, يقفزون من صخرة إلى أخرى, والبعض كان يُلقى بين موجة وأخرى, ويبذلون قصارى جهدهم لتجب الصخور. كان يستطيع رؤية أوكونور, إيلدين, والتوأم, والفتية الآخرين, وقد كانوا بخير.
التفت تور إلى الاتجاه الآخر, ونظر إلى المنحدرات الحادة وراءه, المرتفعة إلى السماء, حيث تصل إلى مكان ما هناك.
"والآن ماذا؟" سأل تور, مدركاً أن السبل قد انقطعت بهم, على هذا الشريط الصخري الضيق.
"سنبدأ التسلق," رد ريس.
تفحص تور المنحدرات مرة أخرى, كانت ترتفع مئة قدم على الأقل, تبدو رطبة, ويغطيها رذاذ المحيط. لم يستطيع تخيل أنهم سيتمكنون من ذلك.
"ولكن كيف؟" سأل تور.
هز ريس كتفيه.
"ليس لدينا الكثير من الخيارات. لا يمكننا البقاء هنا في الأسفل. هذا الشاطئ ضيق جداً. سوف تجتاحنا الأمواج قريباً إذا لم نتحرك."
كانت الأمواج تطوقهم بالفعل, و الشاطئ يضيق أكثر, عرف تور أنه على حق, لم يكن لديهم الكثير من الوقت. لم يكن لديه فكرة كيف سيكون تسلق هذا المنحدر, لكن عرف أنهم مضطرين للمحاولة, لم يكن هناك خيار آخر.
أعاد تور كروهن إلى قميصه, والتفت إلى جدار المنحدر, حاشراً يديه في أيّ زوايا تمكن من العثور عليها, ثم وجد بعض الصخور ليضع قدميه عليها, وبدأ بالتسلق. بجانبه, كان ريس يفعل الشيء ذاته.
كان ذلك صعباً بشكلٍ لا يصدق, كان الجرف أملس تقريباً, مع بعض الصخور الصغيرة لوضع أصابع يديه وقدميه. كان يجد نفسه أحياناً مضطراً لسحب نفسه بحواف قدميه فقط. كان قد تسلق بضعة أقدام فقط, وكانت ذراعاه وساقاه قد تعبوا بالفعل. نظر إلى الأعلى ورأى مئة قدمٍ على الأقل أمامه. و نظر إلى الأسفل ورأى عشرات الأقدام التي كانت تقع وتسقط على الرمال. كان يتنفس بصعوبة, ولا يعرف كيف سيفعل هذا. وكروهن داخل قميصه, يتلوى.
كان ريس يتسلق بجانبه بنفس الطريقة, استراح بجانبه ثم نظر إلى الأسفل, وبدت على وجهه ملامح الحيرة نفسها.
تقدم تور خطوة أخرى, وبينما كان يفعل, انزلق. انزلق بضعة خطوات. وصل ريس إليه, ولكن بعد فوات الأوان.
طار تور في الهواء, وهو يعد نفسه لألم السقوط على الرمال. قفز كروهن, وهو ينبح, ويطير في الهواء إلى جانبه. سمع تور صوت اصطدام موجة, ، ولحسن الحظ, غطت الموجة الرمال قبل وقوعه. سقط تور في الماء, وهو يشعر بالامتنان لأنها خففت من وقع سقوطه.
جلس تور, وشاهد ريس, وقد انزلقت قبضته أيضاً, طار ريس في الهواء وسقط في الماء, قريباً منه. جلس كلاهما يتساءلان. حولهم في كل مكان, كان الفتة الآخرون يصلون إلى الشاطئ, و ينظرون بخوف أيضاً.
لم يستطع تور إيجاد طريقة للوصول إلى الأعلى, كيف سيمكنهم الوصول إلى الجزيرة.
كان أوكونور يتقدم إلى الرمال, وقف هناك , وتفحص المنحدر لدقيقةٍ واحدة قبل أن يصل إليهم وينزع القوس عن كتفه. أزاح مجموعة طويلة من الحبال عن خصره, وبينما كان تور يشاهده, ربط الحبل إلى نهاية أحد السهام.
قبل أن يتمكن تور من سؤاله عمّا يقوم به, أطلق أوكونور السهم.
حمل السهم الحبل, نحو الأعلى, حتى وصل إلى أعلى المنحدر ولف نفسه حول شجرة صغيرة. كانت تسديدة رائعة, سقط السهم وحده وانزلق إلى أسفل الجبل. شد أوكونور الحبل, ليتأكد أنه ثابت, مالت الشجرة قليلاً ولكن الحبل بقي في مكانه. كان تور معجباً.
"لم تكن المحاولة مضيعة للوقت," قال أوكونور, مع ابتسامة فخورة.
احتشد أعضاء الفيلق الآخرون حوله, حين بدأ بالتسلق.
سحب نفسه بسرعة وسهولة, وتسلق أعلى و أعلى, حتى وصل إلى القمة. وعندما فعل, ربط الحبل جيداً حول الشجرة, ليكون آمناً للآخرين.
"واحداً تلو الآخر!" صاح أوكونور.
"اذهب أنت," قال ريس لتور.
"أنت أولاً," قال تور.
تسلق ريس إلى الأعلى, وانتظره تور حتى وصل, ثم لحق به. كان ذلك أسهل من قبل, وسرعان ما وصل تور إلى الأعلى.
كان يتعرق ويتنفس بصعوبة, وقد استنفدت قواه. سقط على العشب, العشب الناعم, وبعد كل الذي مر به, شعر كما لو أنه سقط على سرير ملكي.
رفع تور رأسه بما يكفي لينظر إلى غروب الشمس حوله, كانت تلقي ضوءاً صوفياً على هذا المكان الغريب. كان المكان صخرياً, بائساً ومقفراً, ومغطى بضباب مخيف. كان يبدو أن الضباب يعكّر كل شيء, وكأنه يهدد لابتلاع المكان بأكمله. وكأن كل شيء في هذا المكان لا يرحب بوجودهم.
أصابت القشعريرة جسد تور. هذا المكان المقفر, في وسط العدم , في الجزء العلوي من العالم, سيكون منزلهم للمئة يومٍ القادمة.
Ücretsiz ön izlemeyi tamamladınız.