Kitabı oku: «السعي من أجل البطولة », sayfa 3

Yazı tipi:

لم يكن ماكجيل واثقاً من ذلك.

"هذا يعني إما أنهم يرتبون للزفاف, أو أنهم ينتظرون لمهاجمتنا في وقت آخر. وهذا ما تعتقده, أيها الرجل العجوز؟" سأل ماكجيل, وقد التفت إلى أبرثول.

خرج صوت أبرثول خشناً :" سيدي الملك, والدك ووالد والدك من قبله لم يثق أبداً بالماكلاود. إذا كانوا غطّوا في النوم, لا يعني هذا أنهم لن يستيقظوا."

أومأ ماكجيل تقديراً لحكمته.

"وماذا عن الفيلق؟" سأل متحولاً إلى كولك.

" اليوم رحبنا بالمجندين الجدد," أجاب كولك مع إيماءة سريعة.

"وهل ولدي بينهم؟" سأل ماكجيل.

"كان يقف بفخر معهم كلهم, إنه فتى رائع." أجاب كولك.

أومأ ماكجيل, ثم تحول إلى براديه.

"وما الوضع من وراء كانيون؟" سأل الملك.

"سيدي الملك, شهدت دورياتنا المزيد من المحاولات لتجاوز كانيون في الأسابيع الأخيرة, قد تكون علاماتٍ أنّ الهمجيين يستعدون للهجوم."

انتشر الهمس بين الرجال بشكل متكتم. شعر ماكجيل بجوفه يضيق حين فكر بذلك. كان درع الطاقة لا يقهر, وبالرغم من ذلك, هذا لا يبشر بالخير.

"وماذا لو حصل هجومٌ واسع النطاق؟" سأل الملك.

"طالما بقيت الدرع نشطة, ليس لدينا ما نخاف منه. لم ينجح الهمجيون باختراق كانيون منذ قرون. ليس هناك سبب للتفكير بخلاف ذلك." أجاب براديه.

كان ماكجيل غير متأكد. كان الهجوم من الخارج قد تأخر كثيراً و لا يمكنه توقعه, ولكنه تساءل متي يمكن أن يحدث.

"سيدي" قال فيرث بصوته الحاد," أجد نفسي مضطراً لأن أضيف أن بلاطنا يمتلئ اليوم بكبار الشخصيات من مملكة ماكلاود. سيكون من الإهانة لك ألّا تستقبلهم بترحاب, كانوا خصومك أو لم يكونوا. كنت لأنصح بأن تكون ساعات بعد ظهر اليوم لتحيتهم جميعاً. لقد جلبوا حاشية كبيرة, والعديد من الهدايا, وأيضاً العديد من الجواسيس."

"من قال أن الجواسيس غير موجودة هنا بالفعل؟" رد ماكجيل, وهو ينظر بعناية في فيرث كما فعل, وتساءل, كما يفعل دائماً, إذا كان هو نفسه واحداً منهم.

فتح فيرث فمه للرد, ولكن ماكجيل تنهد وعقد كفيه, وقد اكتفى من كل ذلك. "إذا كان هذا هو كل شيء, سأترككم الآن, للانضمام إلى زفاف ابنتي."

"سيدي الملك" قال كلفن, " هناك أمرٌ واحدٌ آخر. التقليد, في يوم زفاف ابنتك الكبيرة أنّ كل ماكجيل يعيّن خليفته. الناس يتوقعون منك أن تفعل الشيء نفسه, لقد كانوا يتكلمون عن هذا. سيكون من المستحسن ألّا تخذلهم. وخاصة بأنّ سيف القدر لا يزال ثابتاً في مكانه."

"هل تريدني أن أعين وريثي بينما أنا ما أزال على عرشي؟" سأل ماكجيل.

"سيدي, لم أكن أعني أي إساءة" تلعثم كلفن, وهو ينظر بقلق.

" أنا أعرف التقاليد, وبالفعل, سأعطي اسماً اليوم." قال الملك.

" هل تخبرنا من هو؟" سأل فيرث.

حدّق ماكجيل فيه, بانزعاج. كان فيرث ثرثاراً, وهو لا يثق بهذا الرجل.

"سوف تعلم بالخبر عندما يحين الوقت المناسب."

وقف ماكجيل, و وقف الآخرون أيضاً. انحنوا, التفتوا وسارعوا بالخروج من الغرفة.

بقي ماكجيل واقفاً هناك يفكر لفترة لا يعرف كم استمرت. في أيام مثل هذه تمنى لو لم يكن ملكاً.

*

نزل ماكجيل عن عرشه, وصوت حذاءه يتردد في السكون, و هو يعبر القاعة. فتح باب البلوط القديم بنفسه, ساحباً المقبض الحديديّ, ثمّ دخل غرفة جانبية.

كان يستمتع بالسلام والعزلة في هذه الغرفة المريحة, كما كان يفعل دائماً. كان بالكاد يستطيع أن يسير بين جدرانها عشرين خطوة, بسقف مرتفع مقوس. كانت الغرفة بأكملها من الحجر, مع نافذة مستديرة صغيرة من الزجاج الملون على جدار واحد. يخترقها ضوء أصفر وأحمر, و يضيء شيئاً واحداً في هذه الغرفة الخالية, إنّه سيف القدر.

كان قابعاً هناك في وسط الغرفة, مستلقياً بشكل أفقي على النتوءات الحديدية, كامرأة فاتنة. كما كان يفعل منذ كان صبياً, مشى ماكجيل قريباً منه, وأحاطه, متفحصاً. سيف القدر, سيف الأسطورة, مصدر الجبروت وقوة مملكته بأكملها, من جيل إلى جيل. أيّاً كان سيقوى على رفعه سيكون المختار. واحدٌ قدّر له أن يحكم المملكة مدى الحياة, ويحررها من جميع التهديدات, داخل الطوق وخارجها. كان أسطورة جميلة كَبُر معها, وبمجرد أن تم تعيينه ملكاً, حاول ماكجيل رفع ذلك بنفسه, حيث أنه يسمح للملوك فقط بالمحاولة. الملوك الذين كانوا قبله جميعهم قد فشلوا في ذلك. وكان على يقين بأنه سيكون مختلفاً, وعلى يقين أنه سيكون المختار.

لكنه كان مخطئاً, كما كان جميع ملوك ماكجيل قبله. وفشله قد أعاب منصبه منذ ذلك الحين.

بينما كان يحدق فيه الآن, تفحص نصله الطويل, الذي صنع من معدن غامض لم يستطع أحد فك رموزه في أي وقت مضى. كان منشأ السيف أكثر غموضاً حتى, يحكى أنه ارتفع من الأرض في خضم زلزال.

بالنظر إليه, يشعر مرة أخرى بلسعة الفشل. هو يمكن أن يكون ملكاً جيداً, لكنه لم يكن المختار. شعبه عرف هذا, وأعداءه عرفوا أيضا. من الممكن أن يكون ملكاً جيداً, ولكنه مهما فعل لن يكون المختار.

لو كان هو, يعتقد أن الاضطرابات ستكون أقل بين حاشيته, والمؤامرات ستكون أقل. ثقة شعبه به ستكون أكبر وأعدائه لن يفكروا حتى في الهجوم, كان جزءٌ منه يتمنى لو أن السيف يختفي فقط, وتختفي الأسطورة معه. لكنه كان يعلم أن ذلك لن يحصل. كانت لعنة وقوة الأسطورة أقوى حتى من جيش بأكمله.

بينما كان يحدق فيه للمرة الألف, لم يتمكن ماكجيل أن يكون المختار ولكنه تساءل مرة أخرى من سيكون. مَن سيكون المختار من سلالته؟ كما فكر من قبل بمهمته في تسمية وريث, تساءل إذا كان أيٌّ منهم سيكون قادراً على رفع السيف.

"وزن نصله ثقيل جداً," جاءه صوت.

أدار ماكجيل رأسه, تفاجأ بوجود شخص معه في الغرفة الصغيرة.

هناك واقفاً عند مدخل الغرفة, كان أرجون. لقد تعرف ماكجيل على الصوت قبل أن يراه وكان غاضباً لعدم ظهوره قبل ذلك و لكنه راضٍ لوجوده الآن هنا.

"لقد تأخرت," قال ماكجيل.

"إدراكك للزمن لا يطبق علي," قال أرجون.

التفت ماكجيل إلى السيف.

"هل فكرت يوماً أنني سأكون قادراً على رفعه؟" سأله بتأمل." ذلك اليوم الذي أصبحت فيه ملكاً؟"

"لا," أجاب أرجون بشكل قاطع.

التفت أرجون إليه وحدّق في وجهه.

"كنت تعرف أنني لن أكون قادراً على ذلك. رأيت هذا, أليس كذلك؟"

"نعم," قال أرجون.

فكر ماكجيل ملياً بذلك.

"أنت تخيفني عندما تجيب مباشرةً, هذا ليس من عادتك."

بقي أرجون صامتاً, وأخيراً أدرك ماكجيل أنه لن يقول المزيد.

"سأسمي خليفتي اليوم," قال ماكجيل. "إنه شعور مخيّب, تسمية وريث في هذا اليوم, هذا يتنزع بهجة الملك من زفاف ابنته."

"ربما هذا هو المقصود, لهذه السعادة أن تخف."

"لكن لدي سنوات كثيرة سأمضيها في الحكم," قال ماكجيل مناشداً.

"ربما ليست كثيرة كما تظن," أجاب أرجون.

ضاقت عينا ماكجيل, وتساءل, هل كانت هذه رسالة؟

ولكن أرجون لم يضف أي شيء آخر.

"ستة أولاد, من منهم يجب أن أختار؟" سأل ماكجيل.

"لماذا تسألني؟ لقد اخترت بالفعل."

نظر ماكجيل في وجهه. " أنت تعرف الكثير. نعم, لقد اخترت بالفعل. ولكن ما زلت أريد أن أعرف رأيك."

"أعتقد أنك قمت باختيار حكيم" قال أرغون" ولكن تذكر, لا يمكن لملك أن يحكم من تحت القبر. بغض النظر عن الشخص الذي تفكر باختياره, القدر له طريقه في الاختيار."

"هل سأعيش, أرجون؟" سأل ماكجيل بجدية. هذا السؤال الذي كان يريد معرفة إجابته منذ استيقظ في الليلة الماضية من كابوس مروع.

"حلمت البارحة بغراب" أضاف ماكجيل. "جاء وسرق التاج الملكي. ثم جاء آخر وحملني بعيداً. وعندما حدث ذلك رأيت مملكتي منتشرة تحتي, وقد تحولت إلى اللون الأسود حين ذهبت. تحولت جرداء, إلى أرضٍ قاحلة."

نظر إلى أرجون, بعينين دامعيتين.

"هل كان حلماً؟ أم شيئاً أكثر من ذلك؟"

"الأحلام دائما شيء أكثر من ذلك, أليس كذلك؟" سأل أرجون.

شعر ماكجيل بأنه يختنق.

"أين هو الخطر؟ أخبرني عن هذا فقط."

اقترب أرجون وحدق في عينيه بحدة, شعر ماكجيل كأن يحدق في عالم آخر.

مال أرجون إلى الأمام, هامساً:

"هو دائما أقرب مما تتخيل."

الفصل الرابع

اختبأ تور داخل القش في الجزء الخلفي من عربة تندفع به على طول طريق البلدة. كان قد اتخذ وجهته إلى الطريق في الليلة السابقة وانتظر بصبر حتى جاءت عربة كبيرة تناسب حجمه ليركبها من دون أن يلاحظه أحد. كان قد حلَّ الظلام في ذلك الوقت, والعربة تجري على طول الطريق ببطء كافٍ يمكّن تور من السير بسرعة والقفز عليها من الخلف. سقط تور في القش ودفن نفسه في داخله. لحسن الحظ, أن السائق لم يلاحظه. لم يكن تور يعرف إذا كانت العربة متجهة إلى بلاط الملك, لكنها كانت تسير في ذلك الاتجاه, وعربة بهذا الحجم, ومع هذه العلامات, يمكن أن تكون ذاهبة إلى عدة أماكن.

ركب تور طوال الليل, وبقي مستيقظاً لساعات, يفكر في مواجهته مع سايبولد, ومع أرجون. عن مصيره وعن منزله, و عن والدته. لقد شعر أن الكون قد أجابه, قد أخبره بأن له مصيراً آخر. كان يستلقي هناك, شابكاً يداه وراء رأسه, يحدق في سماء الليل الظاهرة من خلال قماشةٍ بالية. كان يشاهد الكون, وهو مشرق جداً, ونجومه الحمراء بعيدة للغاية.

كان مبتهجاً. لأول مرة في حياته, كان في رحلة. لم يكن يعرف إلى أين, ولكنه كان ذاهباً. بطريقة أو بأخرى سيجد طريقه إلى بلاط الملك.

عندما فتح تور عيناه كان الصباح قد أتى. وأشعة الشمس تجتاح العربة, لقد أدرك أنه غط في النوم. جلس بسرعة, ينظر حوله, ويلوم نفسه على استسلامه للنوم. كان ينبغي أن يكون أكثر يقظة, كان محظوظاً بأنه لم يتم اكتشافه.

لا تزال العربة تتحرك, ولكنها لا ترتطم كثيراً. يمكن أن يعني هذا شيئاً واحداً, طريقاً أفضل. ينبغي أن يكون على مقربة من المدينة. نظر تور إلى الأسفل ولاحظ كيف كان الطريق أملساً, وخالياً من الصخور و الحفر, يصطف على طولها أصداف بيضاء جميلة. بدأ قلبه ينبض بسرعة, كانوا يقتربون من البلاط الملكيّ. نظر تور إلى الجزء الخلفي من العربة وقد كان مغموراً. كانت الشوارع النظيفة تمتلئ بالنشاط. العشرات من العربات, من جميع الأشكال والأحجام و التي تحمل مختلف الأشياء. كانت إحداها تحمل فراءً و أخرى تحمل سجاداً, وأخرى تحمل بعض الدجاج. وكان بينهم يسير مئات من التجار, وبعض الماشية المقادة. البعض يحمل سلال من البضائع على رأسه. أربعة رجال يحملون حزمة من الحرير, يحاولون الموازنة بين قطبيها. كان هناك جيش من الناس, كل يسير في اتجاه واحد.

شعر تور بأنه على قيد الحياة. لم يسبق له أن رأى ذلك العدد من الناس في وقت واحد, الكثير من السلع و الكثير من الأحداث. لقد كان يعيش في قرية صغيرة طوال حياته, والآن هو في مركز المدينة. يندفع بين كل هؤلاء الناس.

سمع ضجة عالية, إنّه أنين من سلاسل, و صفقُ قطعة كبيرة من الخشب, قويٍّ جداً بحيث جعل الأرض تهتز تحتهم. بعد لحظات جاء صوتٌ مختلف, من حوافر خيل تحدث صوتاً على الخشب. نظر إلى الأسفل وأدرك أنهم كانوا يعبرون جسراً, و من تحته خندق. إنه جسر متحرك.

أمسك تور رأسه ورأى أعمدة حجرية ضخمة. ارتفعت البوابة الحديدة إلى الأعلى, لقد كانوا يجتازون بوابة الملك.

كانت أكبر بوابة رآها في حياته. تأمل بالنتوءات الحديدية, وكان يتخيل لو أن إحداها قد سقطت عليه لقطعته إلى قسمين, حينها خفق قلبه بشدة.

مروا عبر نفق حجر طويل, ثم بعد لحظات ظهرت السماء مرة أخرى. كانوا داخل بلاط الملك.

بالكاد استطاع تور تصديق ذلك, لقد كان النشاط هنا أكثر. ما يبدوا أنه كان يوجد الآلاف من الناس, تذهب في كل اتجاه. كان هناك مساحات واسعة شاسعة من العشب, مقصوصٍ بإتقان, والأزهار المتفتحة في كل مكان. اتسع الطريق, وعلى جوانب الطريق كانت هناك أكشاك و بائعين و مباني حجرية. ووسط كل هذا, رجال الملك, الجنود. تغطيهم الدروع. لقد تخيل تور كل هذا من قبل.

في خضم حماسه, نهض قليلاً عن غير قصد, وعندما فعل, توقفت العربة قليلاً, مرسلة تور إلى الوراء, ليهبط على ظهره في وسط القش. قبل أن يتمكن من النهوض, كان هناك صوت انخفاض الخشب, ثم ظهر أمامه رجل عجوز غاضب, أصلع, يرتدي الخرق, ووجهه متجهّم. لقد وصل إليه سائق العربة, وأمسك تور من عظام كاحليه, وجره إلى الخارج.

وقع تور على ظهره بقوة على طريق ترابي, مثيراً سحابة غبار حوله. ارتفع صوت الضحك من حوله.

"في المرة القادمة التي تركب بها عربتي, ستكون الأغلال مصيرك! كنت محظوظاً أنني لن أستدعي جنود الفضة الآن!"

التفت العجوز وبصق, ثم سارع إلى الخلف, قافزاً إلى عربته وضارباً حصانه بالسياط.

نهض تور مُحرجاً ومشى على قدميه. تطلع حوله, كان واحداً أو اثنان من المارة ينظرون بسخرية, تجاهلهم تور حتى أشاحوا بنظرهم بعيداً. نفض الغبار عنه وفرك يداه, لقد جرحت كرامته, وليس جسده.

عاد معنوياته المرتفعة عندما نظر حوله, مبهوراً, وأدرك أنه يجب أن يكون سعيداً, على الأقل لأنه وصل إلى هنا. الآن بما أنه أصبح خارج العربة يمكن أن ينظر حوله بحرية, وقد كان منظراً غير عادي, امتد البلاط على مد نظره. في وسطه كان هناك قصر حجري رائع, محاط بالأبراج, محصنة بجدران حجرية متوجة بالأبراج, على قمتها و في كل مكان, تسيير دوريات جيش الملك. يحيطه حقول خضراء, وقد أُعتني بها بشكل رائع, والميادين الحجرية و النوافير و مزارع من أشجار. لقد كانت مدينة, لقد كانت تفيض بالناس.

كانوا يتدفقون في كل مكان وباختلاف أنواعهم, تجار و جنود و كبار الشخصيات, الجميع يتحرك باندفاع. استغرق تور عدة دقائق ليفهم أن شيئاً خاصاً كان يحدث. بينما كان يتمشى على طول الطريق, رأى أن هناك استعدادات تُجهز, كراسٍ توضع, ومذبحٌ يركّب. بدا الأمر وكأنهم كانوا يستعدون لحضور حفل زفاف.

قلبه قفز للحظة عندما رأى ذلك, من بعيد, ممر مبارزة, مع مسار وحلي طويل يقسمه حبل. على ميدان آخر, رأى جنود يرمون الرماح على أهداف بعيدة, وعلى آخر, رماة يرمون على القش. كان يبدو أنه يوجد في كل مكان ألعاب, ومسابقات. كان هناك أيضاً بعض الموسيقى: عودٌ و مزمار و صنج, وفرق موسيقية تتجول, ونبيذ و براميل ضخمة توزع, طعام و موائد يتمّ تحضيرها. ومآدب على مد النظر. كان كما لو أنه وصل في خضم احتفال ضخم.

وهو مبهور بكل شيء, رأى تور أنه يجب أن يجد الفيلق. لقد كان متأخراً بالفعل, وكان بحاجة أن يعرّف عن نفسه.

سارع لأول شخص ظهر أمامه, بدا أنه رجل كبير السن, بعباءة ملطخة بالدماء و كأنه جزار, يسرع إلى أسفل الطريق.

كان الجميع في عجلة مثله.

"المعذرة يا سيدي," قال تور ممسكاً بيده.

نظر الرجل إلى يد تور نظرة مهينة.

"ماذا تريد أيها الصبي؟"

"أنا أبحث عن فيلق الملك. هل تعرف أين يتدربون؟"

"هل أبدو كأنني خريطة؟" تذمر الرجل, واندفع إلى الأمام.

تفاجئ تور بفظاظته.

وسارع إلى شخص آخر, امرأة تعجن الدقيق على طاولة طويلة. كان هناك العديد من النساء على هذه الطاولة. وجميعهن يعملن بجد, واعتبر تور أن احداهن يجب أن تعرف.

"معذرة سيدتي". " هل تعرفين أين مكان فيلق الملك؟"

نظرن إلى بعضهم البعض وضحكن, كان بعضهن أكبر منه ببضع سنوات فقط.

التفت أكبرهم سناً ونظرت إليه.

" أنت تبحث في المكان الخاطئ, هنا نقوم بالاستعداد للاحتفالات."

"ولكن قيل لي أنهم يتدربون في بلاط الملك" قال تور بارتباك.

ضحكت المرأة ضحكة خافتة أخرى. وضعت يدها على خصرها وهزت برأسها قائلة:" أنت تتصرف كما لو كانت هذه هي المرة الأولى لك في بلاط الملك. أليس لديك فكرة كم هو كبير؟"

احمر وجه تور من ضحك النساء الأخريات, ثم ابتعد أخيراً, لم يعجبه أن يكون محط سخرية الآخرين.

لقد رأى خلفه اثنا عشر طريقاً, تدور وتلف في كل اتجاه عبر بلاط الملك.

تتباعد إلى جدران حجرية لتصنع على الأقل اثنا عشر مدخلاُ. كان حجم ومدى هذا المكان شاسعاً. كان لديه شعور بالضياع, من الممكن أن يبحث لعدة أيام و لا يتمكن العثور على مبتغاه.

لمعت فكرة في رأسه, من المؤكد أن الجنود يعلمون أين يتدرب الآخرون. كان متوتراً لفكرة الاقتراب من جندي ملكيٍّ حقيقيّ, لكنه أدرك أنه مضطر إلى فعل ذلك.

التفت وسارع إلى أحد الجدران, إلى جنديٍّ يقف لحراسة أقرب مدخل, آملاً أنه لن يرميه خارجاً. الجندي يقف بانتصاب, وينظر إلى الأمام بشكل مستقيم.

"أنا أبحث عن فيلق الملك" قال تور, وهو يستجدي صوته.

واصل الجندي التحديق إلى الأمام, متجاهلاً تور.

"قلت أنني أبحث عن فيلق الملك!" أصر تور, بصوت أعلى, عازماً على الإجابة.

بعد عدة ثوان حملق الجندي إلى الأسفل, باحتقار.

"هل يمكن أن تقول لي أين هو؟" قال تور.

"وماذا يكون لك عمل معهم؟" قال الجندي.

"عمل مهم جداً" توسل تور على أمل ألّا يرده الجندي خائباً.

عاد الجندي للنظر إلى الأمام, متجاهلاً تور مرة أخرى. شعر تور بخيبة الأمل, وخاف أنه لن يعرف الجواب أبداً.

ولكن بعد لحظات شعرها وكأنها الدهر, أجاب الجندي " خذ البوابة الشرقية, ثم اتجه إلى أقصى الشمال. خذ البوابة الثالثة في الجهة اليسرى, ثم المفترق اليميني, وخذ بعد ذلك المفترق اليميني مرة أخرى. اجتز القوس الحجري الثاني, مكانهم خارج البوابة. ولكن أنصحك, لا تضع وقتك. إنهم لا يسمحون بدخول الزائرين."

كان هذا كل ما يحتاج تور سماعه. ومن دون تأخير أكثر, التفت وركض عبر الميدان, يتبع الاتجاهات, ويكررها في رأسه, في محاولة لحفظها. لاحظ أن الشمس عاليةٌ في السماء, وكانت صلاته الوحيدة أنه حين يصل, لا يكون متأخراً جداً.

*

انطلق تور إلى أسفل الطريق, ممرات يصطف على جانبيها الأصداف, تلتف وتدور بطريقه خلال البلاط. لقد فعل ما بوسعه باتباع الاتجاهات, على أمل أنه لم يكن مُضللاً. في النهاية البعيدة للساحة, رأى جميع البوابات, واختار الثالثة على الجهة اليسرى. ركض عبرها ثم اتبع مفترقات الطرق, المفترق تلو الآخر. ركض خلال الازدحام, والآلاف من الناس تتدفق إلى المدينة, والحشود تتزايد أعدادها في الدقيقة الواحدة. اصطدم مع عازفيّ العود و المشعوذين و المهرجين و جميع الذين يقدمون التسلية, وكانت ثياب جميعهم أنيقة مبهرجة.

لم يتمكن تور من تحمل فكرة أن يبدأ الاختيار بدونه, وبذل قصارى جهده في التركيز باختيار الاتجاهات, باحثاً عن أي علامة تدل على ميدانٍ للتدريب. لقد عبر من خلال القوس, واتجه إلى طريق آخر, وبعد ذلك, بعيداً, شاهد غايته. مدرّج صغير, بني من حجر بدائرة كاملة, و جنود يحرسون بوابة ضخمة ويقفون في مدخلها. سمع تور هتافاً مكتوماً من وراء جدرانه وبدأت دقات قلبه بالتسارع. كان هذا هو المكان.

انطلق تور, ورئته تكاد أن تنفجر. و عندما وصل إلى البوابة, تقدم اثنان من الحراس إلى الأمام و وجها رمحاهما إلى تور, ليمنعا الطريق. تقدم الحارس الثالث إلى الأمام واقفا كالنخلة و رافعاً يده في وجه تور.

"قف هنا," أمره بذلك.

توقف تور لبرهة, يلهث, وبالكاد يتمكن من إخفاء سعادته.

"أنت.. لا تفهم" صاح تور, والكلمات تخرج بصعوبة منه. " يجب أن أكون في الداخل. لقد تأخرت كثيرا."

"تأخرت عن ماذا؟"

"عن الاختيار."

التفت الحارس, وهو رجل ضخم قصير, وجلده يملأه البثور. نظر إلى الآخرين, الذين كان ينظرون بسخرية. وعاد ينظر إلى تور بنظرات مهينة.

"لقد تم نقل المجندين في الساعات الماضية, في عربات ملكية. إذا لم تكن مدعواً, لا يمكنك الدخول."

"ولكنك لا تفهم, يجب أن أدخل."

"تقول لي أنني لا أفهم, أنت صبي صغير وقح. كيف أتيت هنا وتحاول إرغامنا على إدخالك؟ اذهب الآن قبل أن أقيدك."

شعر بوخزة في صدره حين مسته يد الحارس, ولكن هذا لم يكن شيئا أمام شعور بالخيبة لرفضه. كان ساخطاً, لم يعبر كل هذه المسافة ليُبعد من حارس لم ينظر إليه حتى. كان مصمماً على هدفه في داخله.

عاد الحارس إلى رجاله, ومشى تور ببطء بعيداً, والتف حول المبنى الدائري. كان لديه خطة. مشى حتى أصبح بعيداً عن الأنظار, ثم انطلق مهرولاً, متخذاً طريقه على طول الجدران. لقد تحقق من أن الحراس لم يراقبوه, ثم أسرع خطواته حتى أصبح يعدو. عندما كان في منتصف الطريق حول المبنى لمح فتحة أخرى تقود إلى الساحة. كانت عالية حيث كانت الأقواس تنفتح في الحجر, مسدودة بقضبان حديدة. ولكن إحداها كانت بدون قضبان. سمع جلبة أخرى, رفع نفسه على الحافة ونظر.

تسارعت دقات قلبه. وقف مشدوهاً بميدان التدريب الدائري الضخم حيث كان يوجد العشرات من المجندين, بما فيهم إخوته, مصطفين. جميعهم يقفون مقابل العشرات من فرقة الفضة. مشى رجال الملك بينهم, يجمعونهم.

وقفت مجموعة أخرى من المجندين جانباً, تحت أعين الجنود, يرمون الرماح على أهداف بعيدة. واحد منهم أخطأ الهدف.

كانت شرايين تور تكاد تنفجر من سخطه. كان يمكن أن يصيب تلك الأهداف, كان جيداً كما كانوا جميعهم. فقط لأنه أصغر سناً, وأصغر حجماً, لم يكن من العدل أنه استُبعد بهذا الشكل.

فجأة, شعر تور بيد على ظهره تجره إلى الوراء ورماه في الهواء. سقط على الأرض بقوة, يتلوى.

نظر إلى الأعلى ورأى حارس البوابة, ينظر إليه باحتقار.

"ماذا أفعل بك أيها الصبي؟"

قبل أن يتمكن من الرد, انحنى الحارس مرة أخرى وركل تور بقوة. شعر تور بأن أضلاعه تتحطم, بينما كان الحارس ينحني لركله مرة أخرى. هذه المرة, مسك تور قدم الحارس التي كانت في الهواء, ودفعها بعيدا عنه, مُفقداً الحارس توازنه, وموقعا إيّاه على الأرض.

نهض تور بسرعة على قدميه, في الوقت ذاته, ثبت الحارس قدمي تور. حدق تور في وجهه, مصعوقاً بما قام به للتو. أمامه, كان وجه الحارس متجهماً.

"لن أكبلك فقط," هسهس الحارس, "ولكنني سأجعلك تدفع الثمن. لا أحد يلمس حرّاس الملك و ينجو! انسى أمر انضمامك إلى الفيلق, سوف تنفى بعيداً في زنزانة! ستكون محظوظاً إذا رآك أحد بعدها!"

سحب الحارس سلسلة بقيودٍ في نهايتها. اقترب من تور, ونظرة الانتقام في عينيه.

تزاحمت الأفكار في عقل تور. لا يمكن أن يسمح لنفسه أن يكون مكبلاً, لكنه لا يريد أن يؤذي أحد حراس الملك. كان عليه أن يفكر بشيء وبسرعة.

تذكر مقلاعه. لم تستغرق ردة فعله أكثر من لحظة, وضع الحجر, حدد الهدف, ورماه في الهواء.

ارتفع الحجر في الهواء وأصاب الأغلال التي كانت في يد الحارس المذهول, لقد أصاب أيضاً أصابع الحارس. سحب الحارس يده, وهو يصرخ من الألم, بينما وقعت الأغلال على الأرض.

ألقى الحارس نظرة توعّد بالموت على تور, استل سيفه. خرج السيف مع حلقة معدنية مميزة.

"كانت هذه فرصتك الأخيرة’" قال الحارس مهدّداً بشكل مرعب, ثمّ وجّه سيفه.

لم يكن لدى تور أية خيارات, هذا الرجل لن يتركه أبداً. وضع حجراً آخر في مقلاعه والقاه على الحارس. لقد قصد عمداً أن لا يقتل الحارس, ولكنه اضطر لإيقافه. لذلك بدل أن يستهدف القلب أو الأنف أو العين أو الرأس, استهدف تور مكاناً واحداً كان يعرف أنه سيمنعه, ولكن لن يقتله.

بين ساقين الحارس.

ترك الحجر يطير لكن ليس بكامل قوته, لكن يكفي أن يصيب أسفل الرجل.

كان استهدافاً رائعاً.

سقط الحارس أرضاً, موقعاً سيفه, وواضعاً يده على خصيتيه وقد انهار على الأرض يتلوى من الألم.

"ستشنق عقاباً على ما فعلته," قال غاضباً وسط همهمات من الألم. " أيها الحرس! الحرس!"

نظر تور ورأى العديد من حراس الملك على مسافة منه يتوجهون إليه.

كان الآن أو أبداً.

دون إضاعة لحظة أخرى, انطلق إلى حافة النافذة. كان يجب أن يقفز من خلالها, إلى الساحة, ويعرّف عن نفسه. كان يمكن أن يقتل أي شخص يقف في طريقه.

الفصل الخامس

كان ماكجيل جالساً في القاعة العلوية من قصره, في قاعة الاجتماعات الخاصة, التي يستخدمها للشؤون الشخصية. جلس على عرشه الحميمي, الذي كان منحوتاً من الخشب, ونظر إلى أولاده الأربعة وهم يقفون أمامه. كان هناك ابنه البكر, كندريك, ذو الخمسة و العشرين عاماُ, محاربٌ فذّ و رجل حقيقي. كان من بين كل أبنائه, أكثرهم شبهاً لماكجيل, الأمر الذي كان يدعو إلى السخرية. كان هذا الطفل الغير شرعي, هو الخيانة الوحيدة لماكجيل مع امرأة أخرى, امرأة أصبحت منذ فترة طويلة طيّ النسيان. ربى ماكجيل كندريك مع أولاده الشرعيين, على الرغم من احتجاجات الملكة في البداية, بشرط أنه لن يعتلي العرش. هذا ما كان يؤلم ماكجيل الآن, منذ أصبح كندريك خيرة الرجال التي عرفهم في حياته, لقد كان ابناً يفخر به. لولا ذلك لما كان هناك وريث يستحق العرش أكثر منه.

بجانبه, في تناقض صارخ, وقف ابنه الثاني, ابنه الشرعي البكر, جاريث. كان في الثالثة و العشرين من عمره, نحيل ذو خدين جَوفَاوين, وعينين بنيّتين كبيرتين لم تتوقفا عن التحرك. لا يمكن لشخصيتان أن تختلفا كاختلاف شخصيته عن أخيه الأكبر. كان كل شيء في طبيعته يختلف عن كندريك, بينما كان شقيقه صريحاً, كان جاريث كتوماً لأفكاره, وحيث كان شقيقه نبيلاً وشريفاً, كان مخادعاً وغير شريف. كان ذلك يؤلم ماكجيل بأن يكره ابنه, وقد حاول مرات عديدة لتصحيح شخصيته, ولكن بعد تصرفات معينة في سنوات مراهقته, قرر ماكجيل أن طبيعته كانت مقدرة, المكيدة و التعطش للسلطة و الطموح الخاطئ بكل معنى الكلمة. كان جاريث أيضاً ليس لديه ميل للنساء, بل كان لديه الكثير من العشّاق الذكور. كان من الممكن لغيره من الملوك أن يخلعوا مثل هذا الابن, ولكن ماكجيل كان أكثر انفتاحاً, لم يكن هذا السبب لعدم حبه. لقد كان يحكم عليه بمدى شره وطبيعته الماكرة, التي كانت شيئا لا يمكن أن يغفل عنه.

اصطف بجانب جاريث ابنة ماكجيل الثانية, جويندولين. لقد أتمّت للتو عامها السادس عشر, كانت جميلة بشكل لم ترى عيناه مثلها في حياته, وقد تفوقت طبيعتها على مظهرها حتى. كانت لطيفة و سخية و صادقة, خيرة الفتيات التي عرفها على الإطلاق. في هذا الشأن, كانت مماثلة لكندريك. كانت تنظر إلى ماكجيل بنظرة حب الفتاة لوالدها, كان يشعر دائما بوفائها له في كل نظرة. كان فخوراً بها حتى أكثر من أبنائه.

بجانب جويندولين كان يقف أصغر أبناء ماكجيل. ريس, غلام صغير مفعم بالحيوية والفخر, في الرابعة عشر من عمره, كان يصبح رجلاً. كان ينظر إليه ماكجيل بسرور بالغ لانضمامه إلى الفيلق, واستطاع أن يرى فيه الرجل الذي كان على وشك أن يكون. في يوم ما, كان ماكجيل يعرف بلا شك أن ريس سيكون أفضل أبنائه, وحاكماً رائعاً. ولكن ذلك اليوم لم يكن قد حان. كان مازال صغيراً جداً, ولا يزال هناك الكثير ليتعلمه.

شعر ماكجيل بمشاعر مختلطة بينما كان يعاين أبنائه الأربعة, أولاده الثلاثة و ابنته, واقفين أمامه. لقد شعر بالفخر المختلط بخيبة الأمل. وشعر بالغضب والانزعاج أيضاً لغياب اثنين من أولاده, الابن الأكبر وابنته لواندا, بالطبع كانت تستعد لحفل زفافها, و منذ أن زُوّجت لمملكة أخرى, لم يكن لوجودها داع في مناقشة عن وليّ العهد. ولكن ابنه الآخر, غودفري, الذي كان في الثامنة عشر من عمره, أوسط أولاده, كان غائباً. احمر وجه ماكجيل من الغضب.

منذ أن كان صبياً, كان يُظهر غودفري عدم الاحترام للمملكة, كان من الواضح دائماً أنه لا يهتم لأمورها, ولن يعتلي العرش أبداً. وأكبر خيبة أمل لماكجيل, أن غودفري اختار بدلاً من ذلك إضاعة وقته في الحانات مع أصدقائه الأوغاد, مما سبب للعائلة الحاكمة العار والخزي المستمر. كان كسولاً يقضي معظم أيامه نائماً ويملئ وقته في بقية أيامه بالشرب. من ناحية, شعر ماكجيل بالارتياح أنه لم يكن هنا, ولكن من ناحية أخرى, كانت إهانة بأنه لم يكلف نفسه عناء الحضور. كان في الواقع قد توقع هذا, وكان قد أرسل رجاله لتمشيط الحانات وإعادته. جلس ماكجيل بصمت, ينتظر, حتى فعلوا.

انفتح باب البلوط الثقيل أخيراً ودخل الحرس الملكي يجرون غودفري بينهم. دفعوه إلى الأمام, وتعثر غودفري إلى الغرفة بينما أغلق الباب خلفه.

التفت أشقائه وشقيقته إليه يحدقون فيه. كان غودفري قذراً, تفوح منه رائحة الجعة, غير حليق و يرتدي نصف رداء. ابتسم في وجوههم, بوقاحة. كما هو دائماً.

"مرحبا, أبي." قال غودفري, "هل فاتتني التسلية؟"

"ستقف مع إخوتك وتنتظرني لأتكلم. إذا لم تفعل ذلك, فليساعدني الرب, سأقيدك في الأبراج المحصنة مع بقية السجناء العاديين, و إنك لن ترى الطعام و لن تحلم بالجعة لمدة ثلاثة أيام."

حملق غودفري في والده متحدياً. خلال تحديقه, اكتشف ماكجيل بعض القوة الكامنة العميقة فيه, وشيئاً من نفسه, شرارة من شيء يمكن أن يخدم غودفري يوم ما. وهذا, إذا كان يمكن أن يتغلب بأي وقت على شخصيته الخاصة.

بتمرد حتى النهاية, انتظر غودفري عشر ثوان قبل الامتثال أخيراً والاصطفاف أمام الآخرين.

نظر ماكجيل على أولاده الخمسة الذين وقفوا أمامه: الولد الغير شرعي, والمنحرف, والسكير, وابنته, وأصغر أولاده. كان مزيجاً غريباً. كان لا يستطيع تصديق أن جميعهم أولاده. و الآن في زفاف ابنته البكر, فإن مهمته هي اختيار وريث من هذه الحزمة. كيف كان ذلك ممكناً؟

كان ذلك ضرباً من العبث. على كل حال, إنه مازال في أوجه, ويمكن أن يحكم لأكثر من ثلاثين عاماً. أياً كان الوريث الذي سيختاره لن يعتلي العرش قبل عقود, لقد أثار غضبه هذا التقليد بأكمله. ربما كان له معنى في زمن آبائه, ولكن لم يكن له داع الآن.

"إننا نجتمع هنا اليوم بناءً على التقاليد. كما تعلمون, في هذا اليوم, يوم زفاف ابنتي البكر, تقع مهمة على عاتقي لتسمية وريث لي, وريث لحكم هذه المملكة. عندما أموت, لن يكون هناك أحد يصلح للحكم أكثر من والدتكم. ولكن قوانين مملكتنا تفرض بأن يكون الملك من الورثة فقط. وبالتالي, لابد لي من الاختيار."

اشتعلت أنفاس ماكجيل, مفكراً. ساد صمت ثقيل في الأرجاء, وكأنه كان يشعر بثقل الترقب. كان يتطلع في أعينهم, ويرى تعابير وجوههم المختلفة. كان ولده الغير شرعي مستكيناً, وهو يعلم بأنه لن يكون المختار. عيون الولد المنحرف كانت تتوهج بالطموح, كما لو أنه يتوقع بأن الخيار سيقع عليه بشكل طبيعي. أما ابنه السكير فكان ينظر من النافذة, غير مهتم. كانت ابنته تنظر إليه بحب, وهي تعلم أنها ليست جزء من هذه القرارات, ولكنها تحب والدها بالرغم من ذلك. كان أصغرهم يشعر بالشيء نفسه.

"كندريك, لقد كنت دائماً الابن البار. ولكن قوانين مملكتنا تمنعني من تولية العرش إلى أيّ شخص غير شرعي."

انحنى كندريك, " أبي, وأنا لم أتوقع منك أن تفعل ذلك. أنا مقتنع بقسمتي, من فضلك لا تدع هذا يربكك."

تألم ماكجيل من رده, حين شعر كم هو صادق وتمنى أن يسميه وريثاً أكثر من كل أولاده.

"هذا يترك لي أربعة منكم. ريس, أنت من خيرة الفتيان, وأنبل ما رأيت في حياتي. ولكنك أصغر من أن تكون جزءاً من هذا النقاش."

"كنت أتوقع ذلك, والدي." أجاب ريس مع انحناءة خفيفة.

"غودفري, أنت أحد أبنائي الثلاثة الشرعيين, لقد اخترت أن تضيع أيامك في الحانات, مع القذارة. كان من الممكن أن تأخذ كل الامتيازات في حياتك, ولكنك أهدرتها جميعها. إذا كان لدي خيبة أمل كبيرة في هذه الحياة, فهي أنت."

عبس وجه غودفري و التفت بشكل غير مريح.

"حسناً, إذن, أعتقد أنني انتهيت من هذا, ويجب أن أتوجه إلى الحانة, أليس كذلك يا والدي؟"

بانحناءة ساخرة سريعة, التفت غودفري يتهادى في جميع أنحاء الغرفة.

"عد إلى هنا! صاح ماكجيل. "الآن!"

استمر غودفري في التهادي, متجاهلاً والده. عبر الغرفة وفتح الباب.

كان اثنين من الحراس يقفان هناك.

اشتعل غضب ماكجيل بينما نظر إليه الحراس متسائلين.

ولكن غودفري لم ينتظر, شق طريقه بينهم, إلى القاعة المفتوحة.

"اعتقلوه" صاح ماكجيل." وأبعدوه عن نظر الملكة. لا أريد أن تثقل بهمه في يوم زفاف ابنتها."

"أمرك, سيدي" قال الحراس. وأغلقوا الباب مسرعين خلفه.

جلس ماكجيل هناك, يتنفس بصعوبة محمر الوجه, يحاول تهدئة نفسه. للمرة الألف, تساءل في نفسه ماذا فعل ليسمح لولده بأن يصبح على هذه الشاكلة.

أعاد نظره إلى باقي أولاده. أربعة منهم بادلوه النظرات, ينتظرون في صمت عميق. أخذ ماكجيل نفساً عميقاً, في محاولة للتركيز.

"وهذا يترك اثنين منكم" تابع ماكجيل " ولقد اخترت خليفتي منكم."

التفت ماكجيل إلى ابنته.

"جويندولين, أنت من ستكونين وريثتي."

كانت هناك شهقة في الغرفة, بدت الصدمة على وجوه أولاده جميعهم, ومن بينهم جويندولين.

"هل أنت متأكد, يا والدي؟" سأل جاريث. "هل قلت جويندولين؟"

"والدي, هذا يشرفني" قالت جويندولين. "لكن لا يمكنني القبول, أنا امرأة."

"صحيح, لم تجلس امرأة من قبل على عرش مملكتنا. ولكن لقد قررت أنه حان وقت تغيير التقاليد. جويندولين, أنت من خيرة الفتيات الشابات بعقلك وروحك. أنت صغيرة في السن, ولكن شاء الله أن تكوني وريثتي, يجب أن لا أموت في وقت قريب, وعندما يحين الوقت, سيكون لديك من الحكمة ما يكفي للحكم, وستكون لك المملكة."

"لكن أبي!" صرخ جاريث, بوجه شاحب." أنا ابنك الشرعي البكر! دائما, في كل تاريخ ماكجيل, ذهب الحكم إلى الابن البكر!"

"أنا الملك," أجاب الملك بوجه مكفهر, "أنا من يحدد التقاليد."

"ولكن هذا ليس عدلاً!" ناشد جاريث, وهو ينتحب." كان من المفترض أن أكون الملك, وليس أختي. ليس امرأة!"

"أغلق فمك يا فتى!" صاح ماكجيل, "هل تجرؤ على معاندة حكمي؟"

"هل هذا ما تظنه بحكمي؟ أنني أسلم الحكم لامرأة؟ لقد اتخذت قراري," قال ماكجيل. " وسيكون عليك احترامه, وتنفيذه بطاعة, ككل قراراتي في مملكتي. الآن. يمكنكم جميعكم أن تغادروا"

أحنى أولاده رؤوسهم بسرعة و سارعوا بالخروج من الغرفة.

ولكن جاريث توقف عند الباب, غير قادر على المغادرة.

التفت إلى الوراء, لوحده, واجه والده.

استطاع ماكجيل أن يرى خيبة الأمل في وجهه. من الواضح أنه كان يتوقع تسميته كوريث اليوم. حتى أكثر من ذلك, كان يريد ذلك بشدة. تلك لم تكن مفاجأة لماكجيل على الأقل كان هذا سبباً لعدم اختياره.

"لماذا تكرهني, يا والدي؟" سأل جاريث.

"أنا لا أكرهك. أنا لم أجد أنك تصلح لحكم مملكتي فقط."

"والسبب في ذلك؟" سأل جاريث.

"لأن ذلك هو بالضبط ما تسعى إليه."

تحول وجه جاريث إلى اللون القرمزي. من الواضح, أن ماكجيل جعله ينظر إلى طبيعته الحقيقية. شاهد ماكجيل عيناه, رآهم يحترقون بكراهية لم يكن يتخيلها أبداً.

من دون أن ينطق بكلمة أخرى, اندفع جاريث من الغرفة وأغلق الباب وراءه.

مع تردد صدى صوت الباب, ارتجف ماكجيل. مع تخيله لكراهية ابنه العميقة, أعمق حتى من كراهية أعدائه. في تلك اللحظة, تذكر أرجون و كلماته, عن الخطر الذي يصبح أقرب.

هل يمكن أن يكون الخطر أقرب من هذا؟

Yaş sınırı:
16+
Litres'teki yayın tarihi:
10 ekim 2019
Hacim:
242 s. 5 illüstrasyon
ISBN:
9781632910967
İndirme biçimi:

Bu kitabı okuyanlar şunları da okudu